بنظرة موضوعية لحدث 17/5/2022 يمكن التوصل الى النتائج الآتية:
فأول الإيجابيات وضوح حجم المساحة التي تسيطر عليها القوات المسلحة العربية الليبية والتي تتجاوز ثلاثة أرباع ليبيا، مقابل سيطرة حكومة الدبيبة على شريط صغير على الساحل بدأ يتآكل عند مصراته، الزاوية وجنزور والزنتان وباطن الجبل وسهل الجفارة، فكل هذه المناطق لم تعد تحت السيطرة التامة لحكومة الدبيباتشيلد، وثانيها إثبات حقيقة أن حكومة الدبيبة ستعجز عن إجراء الانتخابات، إما لتقلص مساحة سيطرتها أو لسيطرة المليشيات الإجرامية في قرارها.
وثالثها وضوح العلاقة بين حكومة الدبيبة والتنظيمات الإرهابية، متمثلة في المقاتلة ومجالس الشورى الإرهابية، والجناح المتطرف من الإخوان، بقيادة روحية من مفتي الإرهاب، الذي أفتى بأن الجلوس مع باشاغا يغضب الله، وكأن الجلوس مع السفير الباكستاني والأمريكي عبادة، بل إن عضو المقاتلة دعا الساسة إلى الجلوس بين يدي المفتن ويثنون الركب ليتعلموا فن السياسة ويرفعوا عنهم الجهل والتخلف كما ادعى.
ورابعها أن القوات المسلحة العربية الليبية حققت انتصارات تنظيمية ومعنوية ومادية دون أن تدخل المعركة، الانتصار التنظيمي متمثل في انضمام قوة جديدة إليها كانت تعاديها فتحولت إما من ضمن كوادرها أو حلفاء لها. وانتصار معنوي متمثل في إيضاح حقيقة أن الحرب ليست بين جيش من الشرق يريد غزو العاصمة كما كان يروج، بل إنها ما زالت بين الليبيين وأعدائهم، ورأس الحربة في هذه المعركة القوات المسلحة في مواجهة التنظيمات الإرهابية والميليشيات الإجرامية، كما أنها انتصار مادي بإثبات أنها قوة منضبطة لديها تراتبية تأتمر برجل واحد بعكس التنظيمات الميليشياوية الأرزقية.
وخامسها حدوث حالة وعي في بعض المدن وأهمها مصراتة والزنتان، وتغيير الاصطفاف عند بعض المجموعات العسكرية، والإجهار بالعقيدة العسكرية عند بعض الضباط في المنطقة الغربية، ومراجعة لمواقف بعض التنظيمات السياسية وأهمها جماعة الإخوان فحدثت مثل الفروق الملموسة في مواقف صوان البناني، ليس المهم أن كان ذلك حقيقة أم تقية عند تيار صوان، وسادسها رغم الانتصار الإعلامي للآلة الإعلامية للدبيبة، لكنه انتهى بمجرد انقشاع غبار المعركة. المحزن أن (المضحوك) عليهم من جماعتنا وقصيري النظر انجروا وراء الإعلام الخادع، هذه ليست أول مرة، فكثيرا ما يخطئوا الحسابات ويعميهم الوهم عن اكتشاف الطريق المستقيم من النتائج السلبية ما يلي:
أولها وهو (المحزنة) أن عملية التغزل التي مارسها رئيس حكومة الاستقرار في فبراير الميتة دماغياً، وتحامله على رموز مبجلة عند طيف كبير من الليبيين، أضعف حجة الوطنيين المعارضين لحكومة الإرهاب وقوى حجة المضحوك عليهم من حلفاء المقاتلة وأنصار الشريعة ومتطرفي الإخوان، خطابه في سرت لم يكن كله عقلانيا بناءً، وكان الأجدى به ألا يتعرض بسوء للنظام الجماهيري لأن ذلك يفقده تأييد قطاع واسع من المجتمع بمن فيهم أعضاء من حكومته وعناصر من القوة التي حمته من الشويرف إلى سرت.
وثانيها عدم إدراك البعض لقواعد التحالفات والتحييد، فمارسوا الشماتة في من غير اصطفافه، واستمروا في التحقيد عليه ونبش ماضيه، بدلا من احتضانه والعفو عن ما سلف منه.
وثالثها تأكد أن محرك الأزمة الليبية ومغذي وقودها، هو محافظ المصرف المركزي، فهو الذي أغدق الأموال على قادة الميليشيات الإجرامية (فغيرت ولاءاتها)، ولهذا أول حل للمشكل الليبي يبدأ من تجفيف منابع تمويل الإرهاب، ولو بحرق النفط، أو رجم هذا المحافظ العميل.
ورابعها تغول المنظمات الإرهابية وإحكام سيطرتها على مفاصل الدولة واستيلائها على الملفات الأمنية الحساسة وإطلاق سراح الإرهابيين والمجرمين من السجون، وكأنه إعادة لمشهد 2011 وكذلك اشتعال حرب بين تيارات دينية وكأنه استيراد لانقسامات وتوظيف للدين لأغراض سياسية.
وخامسها إقحامنا في أتون حرب عالمية لا ناقة لنا فيها ولا جمل، فتصريحات هواة السياسة والعملاء ولقاءاتهم مع سفراء الغرب وضعتنا في مواجهة جبهة الشرق، وكان من العقل أن نلتزم الحياد الإيجابي حتى لا نكتوى بنار حرب أوروبية مرة أخرى.
وسادسها ضعف استثمار عناصر القوة الناعمة البشرية والاقتصادية، مثل عدم إشراك شركاء المصير في المعركة السياسية والإعلامية، رغم ما يتمتعون به من خبرة في إدارة المعارك، ورغم إيمانهم بأن مشروع القوات المسلحة هو الوحيد المنقذ للبلاد والضامن الموثوق لاستمرار حياتهم. وكذلك عدم استخدام الدبلوماسية الشعبية للتركيبات الاجتماعية التي تسيطر على منابع وموانئ ومسارات النفط والغاز. الغرب لا يقوى على نقص برميل نفط أو متر مكعب غاز، ولهذا فهو حريص على تهدئة الوضع في ليبيا. لأنه يدرك أن النقص في إمدادات الطاقة سيسقط حكومات غربية، أي الليبيون يملكون القوة القادرة على إسقاط حكومات نووية، لكن العملاء والطماعين والجهلاء نجحوا في تحييد هذا السلاح، من حقنا الدعوة إلى التطرف بالدعوة إلى حرق النفط ورجم المحافظ.
Be the first to comment