برزت الهيمنة الغربية الأمريكية على الدول العربية، من خلال التأثير عليها، ودفعها لاتخاذ مواقف ترضي أطماعها، بما يتناسب مع تحقيق مصالحها في ظل ازدواجية المعايير.
إن الغرب يتبنى نهجاً «مزدوج المعايير» في التعاطي مع الحروب، لقد وجدت السياسة الأمريكية ضالتها في النموذج العثماني، الذي تم ترويجه في سياق ما سُمي بنموذج الإسلام المعتدل، التي يدعو لها حزب العدالة والتنمية، والتي ظهرت من خلاله الحركات الإسلامية المتطرفة والإرهابية، التي وظفت هذا الجو الفوضوي لصالحها، وبث أجواء ثقافة سامة بين مكونات المجتمعات العربية، والإطاحة بالأنظمة العربية ودفعهم لتغيير الأنظمة التقدمية بما يتماشى ومصالحه واستخدام منصات وسائل التواصل الاجتماعي والقنوات الفضائية كمصادر إخبارية على مدار الساعة لتعرض تحت مسمى الأخبار العاجلة والموضوعات التي تؤثر على عقلية المواطن من خلال نشر سلسلة مكررة من الأكاذيب المضللة، كوسيلة للإقناع عن طريق المعلومات الخاطئة والمعلومات المضللة كالنار في الهشيم، عبر التلاعب بالرأي العام وتضليله، في عالمنا اليوم، الأخبار الكاذبة، والتّضليل، إضافةً إلى التّهويل والانحياز الإعلاميّ أصبحت موجودة في كلّ مكان حولنا. وأحيانًا قد يصبح الأمر خادعًا بعض الشّيء؛ بحيث يصعب معرفة حقيقة ما يحدث.
إن التأجيج المتعمد يتم باستخدام العملاء للنشر والدعاية للأخبار الكاذبة بموجات متتالية من البيانات واللقاءات التلفزيونية التي لم يعد سهلًا تمييز الغث من السمين فيها، وطغى فيها الزيف على الحقيقة، وفي العام 2004 نحت كاتب أمريكي اسمه «رالف كيس» تعبيرا جديدا، لكن لم يكن معروفا من قبل، ألا وهو تعبير ما بعد الحقيقة، وكما وصفه عالم الاجتماع الألماني «أولريش بك» بأنه عالم المخاطر المتزايدة.
إن ضعف الجامعة العربية والانقسام العربي الواضح، تسبب في عدم القيام بدورها السياسي والعسكري، وحفظ أمن أعضائها، وقيام بعض الحكومات العربية بخدمة مصالح الدول الغربية في المنطقة العربية وتشارك في الحرب معها، وأصبحت الحكومات العربية عاجزة في توحيد جهودها لمواجها هذه الأخطار التي تحدق بالوطن العربي، إن ما حدث لقيام التحالف الغربي لتدمير العراق عام 2003، وفي الحرب على اليمن، وسهل الموافقة على مشاركة قوات حلف الأطلسي عام 2011 في ليبيا، ودعوات التدخلات الدولية في سوريا وتقسيمها، لقد فشلت الجامعة العربية في حفظ النظام الإقليمي العربي وعدم التزام الدول الأعضاء في الجامعة العربية بالدفاع المشترك لمواجها التدخلات الأجنبية وترك القضية الفلسطينية، فالعدو الصهيوني يرتكب المجزرة تلو الأخرى وتدنيس المسجد الأقصى وقتل الصحفيين المدافعين عن حقوق الإنسان منذ اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000 إلى عام 2010، حيث أطلق الاحتلال النار على الصحفيين بشكل مباشر أكثر من 366 مرة من ضمنهم الصحفية شيرين أبو عاقلة، وخلال هده الفترة أدت إلى استشهاد 11 منهم، وإصابة 270 آخرين، كما تعرض 253 صحفيا للضرب، و298 للاعتقال والاحتجاز، ويرد الشعب الفلسطيني بانتفاضات، لمواجهة جيش الاحتلال الصهيوني.
إن حالة التردد والارتباك في مواجهة الأزمات والتحديات الخارجية التي تواجه أمتنا العربية سببه ضعف جامعة الدول العربية في أداء دورها وعدم اتخاذ موقف موحد تجاه القضايا المصيرية وتسوية النزاعات سلميا وعدم وجود إرادة سياسية لقيام اتحاد عربي.