في كل الدول، حتى تلك التي هي أشباه دول مثل الصومال ولبنان، عندما يجتمع مسؤولون من المستوى الأول، لمناقشة مسائل مصيرية تهم الدولة، في وجودها وتوجهاتها وسياساتها، وتشغل الشعب في معيشته وحياته، لابد أن يصدر بيان رسمي عن مجريات الإجتماع الهام، وجدول أعماله ومداولاته وقراراته، بل إن من يرأس الاجتماع لابد أن يدلي بإيجاز شفوي أو مكتوب، وأحياناً يسمح للصحفيين والإعلاميين بتوجيه الأسئلة، والإجابة عنها بوضوح دون مراوغة ولا مناورة، ليعلم الرأي العام الحقائق، ويعرف الوقائع، ويستعد للتعامل مع القرارات والتوجهات والمتغيرات، والتفاعل مع تطوراتها وآثارها الإيجابي منها والسلبي.
إلاّ في هذا البلد المنكوب، الذي لا يحترم مسؤولوه شعبه، ولا يقيمون له وزناً ولا اعتبارا، رغم أنهم يزعمون ليلاً ونهارا، كذباً وتدليساً حرصهم عليه وسعيهم لخدمته، ويختمون بياناتهم الرسمية وخطاباتهم بعبارة {حفظ الله لــيـبـيــا} ومنهم من يزيد عليها جملة {وشعبها الكريم}، رغم أن الله عز وجل لن يحفظ لــيـبـيــا بشعبها إلا بتخليصها وإنقاذها {عبر انتخابات ديمقراطية أو إنتفاضةٍ شعبية}، من كل هذه الطبقة الحاكمة والمتحكمة والمتسلطة والظالمة والفاشلة، بجميع وجوهها وشخوصها وأدواتها وأجهزتها وأختامها وإعلامها وذيولها وخدّامها وكتائبها ونوائبها، وفي مقدمتهم جميعاً المتحكم الأكبر في هذه البلاد، الخازن لبيت مالها، ومصدر فسادها وخرابها، واستغوال أهوالها وموت آمالها.
على درج المصرف المركزي بطريق الشط، تم ظهر أمس الأربعاء التقاط صورة جماعية، ضمت إلى مالك إقطاعية بيت مال الليبيين، عدداً من المسؤولين، الذين لم ينتخبهم الليبيون، إلا واحداً منهم تم انتخابه عضواً في مجلس النواب لمدة عامين، فبقي وزملاؤه النواب النوائب المصائب جاثمين على صدور الوطن وأهله ثمان سنين، قد تصبح عشراً وعشرين، إذا استمر خنوع واستسلام ووهن وهوان الليبيين.
شركاء الصورة التاريخية يرتدي بعضهم {اللهم لا حسد} ملابس قيمتها تكفي لشراء الحليب لآلاف الأطفال الجائعين، الذين يحتكر حليبهم وغذاء أهلهم بضعة مرابين محتكرين، لا ضمير لهم ولا دين، ويتقاضى أقلهم مرتباً يتجاوز مرتبات أربعين من المتقاعدين البائسين، وقفوا يحيطون بالصديق الكبير يبتسم لهم، وهو يضحك عليهم للأسف، فقد استغلهم واستغفلهم داخل قاعة الإجتماع، وودعهم على أدراج مصرفنا المغتصب، ليكسب وقتاً إضافياً يقضيه حاكماً له، متحكماً في حياة شعب كامل تعداده سبعة ملايين.
السيد محمد المنفي، رئيس المجلس الرئاسي الذي ستنتهي ولايته بعد شهر، هي المدة المتبقية من زمن اتفاق جنيف غير القابل للتجديد ولا للتمديد، الرجل العاقل المؤدب الذي لم يسمع منه الليبيون كلمة سوء، ولم يروا منه خيراً ولا شراً ولا إنجازاً ولا فِعلاً طيلة خمسة عشر شهراً هي ولاية مجلسه الرئاسي الثلاثي، دعاه الكبير وأجلسه رئيساً للإجتماع، الذي كان يجب أن ينعقد في مقر المجلس الرئاسي وليس في المصرف المركزي، ليحصل منه على خطاب يقول فيه – إن السيد الصديق عمر الكبير، هو المحافظ الشرعي لمصرف لــيـبـيــا المركزي، يتوجه به إلى بنك إنجلترا، وإلى غيره من البنوك والمؤسسات الدولية، وفي المقدمة وزارة الخزانة الأمريكية، رغم أن ولايته القانونية منتهية بموجب قانون المصرف، منذ ثلاث سنين، حتى مع عدم الإعتراف بقرار إعفائه الصادر عن مجلس النواب، وهذا ما سبق وفعله الصديق الكبير مع المهندس (فائز السراج)، رئيس المجلس الرئاسي سنة 2016 وما بعدها، حيث حصل منه على خطاب الإعتراف الرئاسي، واستخدمه طيلة خمس سنوات، قبل أن ينقلب على السراج سنة 2020 ويحاربه ويحاصره، وهو ما سيفعله مع الدكتور محمد المنفي، بعد أن يقضي منه حاجته، ويحقق به غايته.
أما السيد خالد شُكشُك، رئيس ديوان المحاسبة، والمرشح الرئاسي والذي يعرف جيداً حقيقة الصديق الكبير وهو به خبير، وسبق أن اختلف معه بشدّة وحدّة عدة مرات، بل وصلت علاقتهما إلى الحرب الشرسة، خاصة خلال سنوات 2015 وما بعدها، قبل أن تعود بينهما علاقةٌ ظاهرها الود والصفاء، وإن بقي في القلوب ما فيها من التربص والجفاء، فإن المحافظ يريد أن يستغل الديوان ورئيسه، في اعتماد ميزانيات المصرف المركزي غير المكتملة والمتلاعب بها، ليرسلها إلى الجهات الخارجية، فتتأكد أنه يتمتع بأعلى درجات الإفصاح والشفافية، ولا أظن السيد الصديق الكبير سينجح في استغلال السيد خالد شُكشُك الخطير، وأرجو أن لا أكون مخطئاً في حُسن ظني.
أما بقية الحاضرين ،ومع الإحترام لمن يستحق منهم الإحترام، فإنهم سواء في ذلك الإجتماع أو في كل ما سيكون بعده، فلم يكونوا [أقولها بخجلٍ من نفسي ومن أهلي أن يكون هذا حالنا] فإنهم للأسف لم يكونوا سوى.. ديكور.
غداً بمشيئة الله أكتب لكم كيف الحل الذي يضمن استمرار تصدير النفط وتدفق إيراداته، التي أنتم أيها الشعب وبلادكم في شديد الحاجة إليها، ويضمن أن لا نعود إلى المربع الأول، فيضحك عليكم أيها الليبيون مرةً أخرى السيد الصديق عمر الكبير.