أمريكا المتوهمة
ليس اليوم كالأمس طالما كان العالم مشدوهاً فرحاً وخوفاً من الحلم الأمريكي إلى الكابوس الأمريكي وبدأت الصورة تتضح، الحلم الأمريكي لا يتوقف عند قلب نظام حكم واستبداله بآخر ولا يتوقف على تقسيم دولة إلى مجموعة دويلات قزمية أو حتى تدمير دولة بكاملها، بل الحلم الأمريكي التوراتي مبني على عقيدة وتخاريف آمنوا بها، ويعملون على تحقيقها.
أمريكا المتوهمة تعيش الحلم الذي نفخت فيه تعويذات الكنيسة اليمينية المسيحية والصهيونية اليهودية، متشبعة بأفكار عنصرية حاقدة، ولا غضاضة في أن تحشد كل قواها للهيمنة على العالم وتدمير كل من يعارضها، ولهذا تنشب الحروب في كل مكان، وسيلتها الوحيدة هي القوة رغم زخرفة شعاراتها البراقة التي أوقعت الشعوب في مصيدتها وجعلتها تدخل دوامة الموت، ولا سبيل للخروج منها حتى تتدمر الدولة وتفتقر وتخضع لمنظومة وشروط البنك الدولي ومؤسساته الإمبريالية، وتتحول الدولة إلى دولة مهزومة وخاضعة للشروط المجحفة، وتعاود هيكلة مؤسساتها بما يخدم مصالح الإمبريالية.
أن تشتعل الحرب وتأتي على الأخضر واليابس في عدد من الدول وأن تستبيح الدول ومؤسساتها لا ضير، المهم أن تكون قد حققت أهداف الإمبريالية في النهاية، وهذا ما تم ويتم في المنطقة العربية، والآلة الإعلامية جاهزة في كل مرة لنشر الأكاذيب، ككذبة وزير الخارجية الأمريكي كولن باول بامتلاك العراق السلاح الكيماوي، حيث عرض شاحنات في الطريق ويقول إنها تحمل سلاحاً كيماوياً في قصة لا يصدقها الأطفال، لكنها فرضت على العالم وروجت لها وسائل الإعلام، حيث سميت بكذبة القرن، وكذلك كذبة وزير الخارجية البريطاني وليم هيج بهروب الشهيد معمر القذافي إلى فنزويلا.
ويستمر كذبهم ولا يتوقف طالما يخدم مصالحهم، هذه هي الحقيقة التي ينبغي أن يتعامل على أساسها العرب والمسلمون وشرائع الغرب تسمح لهم بهذا، فالتواجد ضمن منظومة أو مصفوفة الغرب يعني الخيانة، والأمثلة كثيرة من العراق إلى ليبيا إلى اليمن إلى تونس، وتحديداً هم جماعات الإسلام السياسي المتحالفون مع اليمين المسيحي المتطرف المتحالف مع الصهيونية.. حيث لا فرق بين شلبي العراق والمالكي وكرزاي أفغانستان، والغنوشي في تونس والصلابي والغرياني والسراج والدبيبة في ليبيا والقرضاوي وغيرهم كثيرون، هذا معسكر يجب مقاومته، على الصادقين من الأئمة ورجال الإعلام والسياسيين الظهور وتبيان هذه الحقيقة، فالإعلان عن مقاومة الاحتلال واجب وطني وشرعي.
ربما الحرب الروسية الأوكرانية ستغير الاصطفافات ويبرز فيها تحالف آخر، ربما تكون خارطة العالم بأقطاب متعددة وتسقط الهيمنة الغربية وتحالفها وينهار معسكر التطرف، فبتدميرهم الدول الصغيرة اعتقدوا تفوقهم النهائي على العالم، لكن نظريتهم بدأت تتهاوى وسيتحول أقوامهم إلى يتامى.
كل المعسكر الغربي في حالة اصطفاف ودعم لأوكرانيا ضد روسيا الدولة النووية بالفعل حيث لا مجال للكذب.
من مصلحة العرب والمسلمين الاستفادة من هذه الأوضاع لتصحيح مسارهم وأن يتعاملوا مع الواقع بطريقة تحقق لهم تقدماً في معرفة توظيف الطاقة التي يملكونها.
وأن تتحول إلى سلاح لصالحهم لا عليهم، وأن نتخلص من الوهم والبعبع الأمريكي الذي لا يهزم، وأن نخرج من حالة الانهزام إلى حالة النهوض والجسارة وإلى حالة الحركة لا السكون والبكاء على الأطلال ومعاودة وتكرار شعر المعلقات وقصص الأولين.