لا لحوارك … ولا إنسانيتك
كعادتها، الأمم المتحدة توكل بعض المهام الاستراتيجية في حل الأزمة الليبية إلى مركز الحوار الإنساني بمقره بجنيف، حيث يقوم هذا المركز بنشاط سياسي مشبوه من خلال محاولاته إقحام بعض المكونات السياسية التي لاعلاقة لها بالأزمة، بل هي المتهمة بعرقلة الاستقرار في ليبيا، بالإضافة إلى جماعات أخرى تنضوي تحت مسمى الإسلاميين الذين لا يملكون قاعدة شعبية بين الليبيين، ناهيك عن ضبابية هذا المركز من حيث المؤسسين والممولين له والشبهات التي تلف هذا المركز على الرغم من الجهود التي بذلت من قبل الصحفيين والحقوقيين والمهتمين لمعرفة آلية عمل هذا المركز ومحاولة الوصول إلى المعايير التي من خلالها يتم انتقاء بعض الشخصيات الليبية المشاركة في حوارات المركز السياسية، حيث يتم تجاهل هذه التساؤلات في أكثر من مؤتمر صحفي، وعلى الرغم من معرفتنا أن هذا المركز يعمل كشركة مقاولات لدى الأمم المتحدة لجني المال، إلا أنه اتضح ما هو أبعد من ذلك، فهذا الكيان المشبوه الذي يتمترس خلف شرعية الأمم المتحدة يأخذ الطابع الاستخباراتي، حيث بنيت فرضية ما سبق ذكره من خلال جملة مشاورات وحوارات قام بها في الأزمة الليبية كانت نتائجها وخيمة على الشعب الليبي، فكل ما نتج عن هذه الحوارات إخفاق ممنهج بتواطؤ دولي وآخره عندما تم ضرب سلطة مجلس النواب وهو الجسم الشرعي المنتخب من الشعب الليبي باللجنة 75 التي جاءت موازية للسلطة التشريعية لمراقبة الحكومة وتمريرها وتهميش دور أعضاء المجلس من خلال مجموعة من الأشخاص لم تتم معرفة خصوصية انتقائهم ليقرروا مصير سبعة مليون ليبي، الأمر الذي أكد أن هذا المركز تعدى دوره ليصنع من نفسه الوصي على القرار السياسي في ليبيا، والذي بدوره خلق لنا حكومة فاشلة ترفض الانفكاك عن كرسيها في السلطة لتسجل سابقة في هدر ميزانية الدولة، ولم يكتف المركز بهذا فقد دعا مؤخرا إلى مؤتمر جديد يضم كل التشكيلات المسلحة في المنطقة الغربية، وفي المقابل يدعو المؤسسة العسكرية ومجلس النواب للجلوس والتشاور قبل دخول الحكومة الجديدة العاصمة في محاولة لفرض الأجسام العاقة والخارجة عن القانون وعن الأعراف الاجتماعية والزج بها وإصهارها في منظومة الدولة والاعتراف بها كطرف في الحل السياسي، في الوقت الذي تكون فيه هي العدو الحقيقي للعملية السياسية، ويحاول المركز أيضا فرض المجرمين من قادة الميليشيات على مؤسسات الدولة العريقة مثل المؤسسة العسكرية والكيانات السياسية الشرعية وعلى رأسها مجلس النواب لتصبح التشكيلات المسلحة جزءا لا يتجزأ من هيكلية الدولة وضمن صناع القرار في ليبيا، ولم يكتف بذلك فهو يعمل وبشكل مواز على سن قاعدة دستورية يشاركُ فيها المجلس الأعلى للدولة بنصيب الأسد من خلال جملة قوانين فضفاضة كان قد وضعها بعض الإسلاميين من المجلس والتي يقع عليها خلاف جوهري بينهم وبين مجلس النواب في محاولة لتمريرها والموافقة عليها، لقد تخطى هذا المركز دوره وانفضح أمره، وعلى القائمين داخل مجلس النواب والمؤسسة العسكرية رفض الحضور والحوار مع هذه العصابات، ليس لعدم نديتهم القانونية، بل لكون هذه الزمرة مجموعة من المطلوبين كمخربين للتوافق السياسي ومخربين للأمن والاستقرار في ليبيا، فبالإضافة إلى عدم وجود زخم سياسي وشعبي يؤهلهم لأن يكونوا في المشهد السياسي، هم أيضا أعداء حقيقيون لنا ولليبيا.