مع إيماني المطلق بأن هذا الواقع المُزري ليس قَدَراً مقضيّاً ولا قضاءً مُبرماً ولا وضعاً نهائياً او بلاءً حاسماً وحتمياً، وانما هو مجرد مرحلة طارئة ومؤقتة مهما طال بها الامد، إلا أنني جاهدت نفسي لاقناعها بأن التسويق للدستور الحل الأمثل للأزمات المتناسلة والسبيل القويم لاختيار الشعب لحكامه ونوابه، وحاولت بأقصى جهد ممكن بأن الج براح صناديق الانتخاب والعرس الديمقراطي والترشح والتصويت والعروض الفلكلورية لمئات الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني وفيضان القنوات الفضائية وملايين المتفيقهين والمزايدين والشتامين واللعانين بالعالم الافتراضي لكني عجزت عن اقناع نفسي بهذا المسار، وقد دفعني السخط وضيق ذات الصدر من هذه المتاهة والاحاجي الى موقع المراقب والمتابع لمآلات الحراك السياسي حيث اللهاث والهرولة والتسابق على تقديم ليبيا وليمة للأجنبي وتدوين اتفاقات البيع والتفريط في الأرض والعرض بحروف الافتخار والزهو وعزف اناشيد الهزيمة بالحان الانتصار.
وإذا نبس من يحمل مثقال ذرة من انتماء وطني بعبارة نقد او احتجاج تم تصنيفه بالانحياز لهذا الطرف ضد الآخرين علما بأنه في قواميس السياسة، ومعاجم العمل العام، لا وجود للغة العواطف، ولا مكان لابجدية الاهواء والمزاجيات والمشخصنات، ولا محل من الاعراب لمفردات الحب والكره والكيد والنزق والعناد الاعمى الذي يصر على ان (الغراب عنز حتى لو طارت).
Be the first to comment