الى الامام
في الدولة المدنية!
حاول الغرب تسويق الربيع العربي بالادعاء أنه ضروري لبناء دول مدنية ديمقراطية وحماية حقوق الإنسان فيها لتتمكن الشعوب من التطور وتحقيق الرفاه، لكن ما إن تمكن من تخريب الدول الوطنية التقدمية المعارضة لسياساته في المنطقة، وترهيب الدول الدائرة في فلكه، حتى ظهرت حقيقته، حيث انتشرت الفوضى، وعم الفساد، وساد الخراب والدمار، وأشعلت نيران فتن خطرة داخل شعب واحد متجانس لغويا ودينيا واجتماعيا في غالبيته، ومن نافلة القول التذكير بأن موجة الربيع العربي ضربت فقط أنظمة جمهورية تمارس أشكالا ديمقراطية متفاوتة، وبعضها متطابق مع المعايير الغربية للديمقراطية وفق شعارات التعددية والتداول وغيرها من كلمات انتشرت بدون مفاهيم محددة، واستثنى أنظمة وراثية تمارس حكما وراثيا متخلفا على طرق العصور الوسطى.
لقد فشلت دول الربيع في إقامة أنظمة حكم وطنية ولو شكليا، ذلك فتح المجال أمام الأجهزة الاستخباراتية المعادية لإدارتها مباشرة، كما هو الحال في العراق وليبيا والصومال أو بشكل غير مباشر كما جرى في تونس قبل صحوة الرئيس قيس سعيد!
الملفت أن الغرب لم يستبدل أساليبه ووسائله في الخداع، فاستمر الحديث على الدولة المدنية والديمقراطية والانتخابات والمجتمع المدني والمشاركة إلى آخر ما في القائمة من مصطلحات فضفاضة، الهدف دائما هو استنزاف الروح المعنوية للشعوب وإحباطها حتى تتقبل مرغمة ترتيبات الدول الاستعمارية تحت شعار إنقاذ ما يمكن إنقاذه.. في العراق نموذج واضح.. يطبق حرفيا في ليبيا.. يتمثل في تمنية الناس بانتخابات حرة ونزيهة تفرز سلطات وطنية سرعان ما تتبخر الوعود بإجرائها، لتمتد فترة الانتظار، وإن أجريت فلا نتائج حاسمة!!
لقد أجريت انتخابات قبل عام في العراق، وشهدت ضجيجا وصخبا، وتكونت القوائم والائتلافات، لكن البرلمان المنتخب لم ينجح في تشكيل سلطة تنفيذية جديدة تعكس إرادة المنتخبين، ليستمر مترجم بريمر السابق في موقعه رئيسا للسلطة في العراق وكأن شيئا لم يكن!
إن الغرب يؤسس سياساته على فكرة أن الشعوب العربية تتصرف بعقول أطفال ولا تمتلك الوعي الكافي لتتعرف على ما يخدم مصالحها وما يضرها، وهي تتأثر بما تسمعه ولا تحلل المعطيات بما فيها البسيطة منها!! لذلك تراهم يمعنون في الاستهتار بعقول الشعوب.
المثل واضح في حديث سفراء الدول الغربية الركيك المستمر على الانتخابات الليبية، وضرورة إجرائها في أسرع وقت وبآلية تضمن مشاركة جميع الليبيين دون إقصاء!! بالرغم من أن إلغاء الانتخابات في نهاية العام الماضي حدث لم يفهم الليبيون خفاياه بعد!
المشاهد في كل دول المنطقة لا تختلف كثيرا، ذلك أن مدير الأزمة واحد، ومن ينفذونها هم نفس الأشخاص، وبمراجعة السير الذاتية لسفراء الدول الغربية ومبعوثيها إلى ليبيا تجد أنهم عملوا سابقا في العراق وأفغانستان واليمن والصومال، وأستطيع الجزم بأنهم جميعا كذلك!!
الحقيقة أن ممارسة الديمقراطية في عالم يسيطر عليه قطب واحد متغطرس يبحث فقط عن مصالحه أمر صعب المنال، ينتزع ولا يوهب، فلا يمكن تصور أن الدول الاستعمارية ستساعد الشعوب التي تسعى إلى الاستقلال والنمو وتمكينها من إدارة شؤونها بحرية، ومن يعتقد في ذلك فعليه أن يراجع قواه العقلية.
20bet
منذ أسبوعينYour article gave me a lot of inspiration, I hope you can explain your point of view in more detail, because I have some doubts, thank you.
Be the first to comment