نحو استقلال القرار الوطني

بلادنا عمليا تحت الوصاية الدولية، ولم يتمكن الليبيون طيلة هذه السنوات من تقرير مصيرهم وفرض إرادتهم، والحديث في مستقبلهم.. في الماضي كان هناك تشويش على الشباب وعلى بعض الأوساط الاجتماعية أن هناك ثورة داخلية، وأن هناك عملا استنهاضيا، وأن هناك محاولة بناء، وطرحت التمنيات لسنوات حول أن الخير جاي، وأن المستقبل سيكون واعدا، وأن ليبيا ستمتلئ بالأبراج وبالأموال، وأن الناس سيعيشون حياة رغدة، ولكن الحقيقة الصادمة والواقع الصادم الذي يعيشه الليبيون اليوم بعد أحد عشر عاما أنهم علموا الحقيقة.
هناك ليبيون آخرون عرفوا الحقيقة من البداية وآخرون بعدها، ولهذا قامت عمليات مقاومة للوصاية الأجنبية منذ السنوات الأولى، وتمكنت القوات المسلحة العربية الليبية من تطهير أجزاء كبيرة من ليبيا من هذا الوضع الوهمي الذي حاول الأجانب فرضه على الليبيين، حالة وهم (مستقلة ومستقرة ومزدهرة وحرة والتحرير والحرية) وكل هذه الشعارات الجوفاء التي استخدمت في غير موضعها وبمعان ضد معانيها الحقيقية أن ليبيا مستعمرة ومتخلفة حتى أن بعض الناس أصبح عندهم يأس من إمكانية الخروج من هذه الأزمة، لأن هذا الواقع المظلم السيئ أصبح كأنه مسلّم به، ولا يمكن الخروج عنه، حتى أن الحكومة الليبية التي شكلها مجلس النواب مؤخرا لم تر النور لسبب واحد لأن الفيتو عند الوصي الدولي هو الذي يسمح لهذه السلطة بأن تستلم أو لا تستلم.
الآن عندما تصحح الأمر وتشكلت حكومة وطنية بإرادة ليبية لم تر النور، لأنه بسهولة وببساطة ما يسمى المجتمع الدولي، وهو الدول الكبرى الغربية أمريكا وبريطانيا وما إليها من خلال بعثتهم بعثة الأمم المتحدة الذين لما فشلوا في تعيين رئيس لها استعاضوا عنها بوظيفة أخرى سموها مستشار الأمين العام. فالسيدة ستيفاني التي تمارس دور بعثة الأمم المتحدة هي التي تريد أن تعين السلطة الحاكمة في ليبيا كما تدير هي المؤسسات المهمة، وليبيا منذ أكثر من خمس سنوات تدار بترتيبات مالية يضعها السفراء.
ومن ناحية أخرى لا توجد ميزانية معتمدة والصرف بمئات المليارات بالنسبة لدولة صغيرة مثل ليبيا، ولم يحدث أي شيء لا تنمية لا مرتبات لا كهرباء لا خدمات لا وقود، يعني مبالغ ضخمة بدرت لمصلحة الأجانب والفساد والنهب.
الانتخابات أعلن عنها وعن موعدها واتخذت كافة الاستعدادات وترشح من ترشح للرئاسية والنيابة ثم في لحظة ألغيت باسم القوة القاهرة والمجهولة، وهذا دليل على أن ليبيا تحت وضع اليد الدولية، ولن تخرج من الوصاية الدولية إلا بحركة التحرر الوطني، وهذه دعوة ملحة إلى كل القوى الوطنية لإطلاق حركة تحرر وطني، وحركة تحرر وطني لا تعني فقط الكفاح المسلح، هناك وسائل عديدة للتحرر الوطني مثل الكفاح السياسي والعمل المدني والإعلامي والعصيان المدني بالتجمعات الشعبية ودعم المؤسسة الوطنية الأمنية والعسكرية، ليس أمام الليبيين إلا النضال الجماعي للاستقلال وتحرير القرار الوطني، وأن دعم الحكومة الليبية الجديدة هو خطوة من هذه الخطوات لأنه دعم لإرادة ليبية كونت سلطة تنفيذية ليبية بدون تدخل أو وصاية.
الحرية للوطن والسيادة للشعب..