الأمم المتحدة ومسألة الحياد
الأمم المتحدة ومجلس أمنها وبعثتها في ليبيا، لم تعد في مستوى ميثاقها الذي تلتزم به في العمل من أجل إنهاء حالة الفوضى التي خلفتها قرارات مجلس الأمن المجحفة التي استندت على مخالفة للحقيقة الدولية وتضليلها بواسطة ماكينة إعلامية إقليمية ضخمة وأعمال جوسسة استخباراتية مدعومة بتنظيمات الإسلام السياسي (تنظيم الإخوان المسلمين) الذي يعلم العالم أنه متطرف وأول من غرس بذرة الإرهاب الديني في الوطن العربي بالتدخل في ليبيا وشرعنة العدوان الأطلسي لتدمير مقومات الدولة السياسية والدفاعية والاقتصادية، وطيلة هذه الفترة لم تنجح بعثة الدعم في ليبيا ومندوبو الأمين العام في إنهاء الفوضى المرتبطة بالميليشيات المدعومة من الخارج، بالرغم من تبني أكثر من خريطة طريق للحل، وأكثر من جولات حوار، وأكثر من مبادرة، ضمنها مبادرة برلين واحد التي حضر ملتقاها العديد من قادة الدول وتم وضع أسس وسياق للعملية السياسية تتمحور حول انسحاب القوات الأجنبية والمرتزقة الأجانب وسحب السلاح من الميليشيات وتوحيد المؤسسات الوطنية وإيقاف القتال وإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية بطريقة شفافة ونزيهة تشرف عليها الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي ودعم مسار اللجنة العسكرية المشتركة، وأمام هذا المشهد الليبي من زاوية خارجية يعلم المجتمع الدولي الآن وهو يشاهد إجحاف التدخل الخارجي في الشأن الداخلي في ليبيا والعراق وسوريا وبعض دول أخرى تفقد مصداقية الأمم المتحدة كمنظمة دولية يتوجب عليها الحفاظ على السلم والأمن الدوليين والعمل على فض المنازعات الدولية وتحقيق السلام الدولي ونبذ الحروب وخاصة بعد ما دفعت البشرية ويلات حربين عالميتين اثنتين خلفتا ملايين الضحايا والمصابين وشردتا أيضا ملايين من الناس، مات جزء منهم في العراء، وهلك بعضهم من حالات الفقر، وحصدت الأوبئة والأمراض أعدادا هائلة منهم، وأعيد رسم خريطة العالم بين دول منتصرة في الحرب وبين دول مهزومة جعل هذا التقسيم لدول من العالم الثالث أن تتخلص من الاستعمار والتبعية، وبرغم مساهمة المنظمة الدولية ومجلس أمنها في تحقيق بعض المكاسب في منح دول استقلالها ويحسب لها دور مهم في تجنب حرب نووية ثالثة ونجاح معتبر لبعض منظماتها في مجال عملها المتعلق بالصحة والغذاء والمحيط ورسم قوانين للحد من الصراعات فإنها تتعرض الآن لحالة من الانقسام والاختلاف الحاد ناتج عن الصراع في شرق أوروبا وشبه جزيرة القرم الذي يبشر بحرب نووية والذي تحاول كل من الولايات المتحدة وبريطانيا باستغلال هذه المنظمة في حملة الغرب ضد روسيا إلى الذهاب أكثر في محاولة لاختراق ميثاق الأمم المتحدة بتجييش دولي لتعليق عضوية الاتحاد الروسي في بعض منظماتها وأكثر من ذلك طرد روسيا من عضوية مجلس الأمن الدائمة وحرمانها من حق النقض ما يثبت سلب الأمم المتحدة من أهم دور لها يتمثل في الحياد والاستقلالية لقراراتها الدولية وأن لا تعكس الوضعية في أوكرانيا والبحر الأسود على دور الأمم المتحدة في مواطن النزاعات والتدخلات الإقليمية في ليبيا والعراق وسوريا.
Be the first to comment