انتظروا القيامة
ما ضرَّ لو جعلوا العلاقة في غدٍ.. بين الشعوب مودة وإخاء
هذه كانت رسالة أمير الشعراء إلى الغرب الاستعماري وهو يرثي شيخ الشهداء عمر المختار الذي أعدمته الحضارة الغربية شنقاً وسط حشد من شعبه في أحد المعتقلات التي تكشف أحد وجوه حضارة الغرب.
عمر المختار كان شيخاً طاعناً في السنّ لم يتخرج من أكاديمية عسكرية ولم يشكل تنظيما عصابيا ليقطع الطريق أو يسطو على عابري السبيل، ولم يركب قوارب الهجرة إلى أوروبا، ولا يعرف أوروبا، وربما لم يسمع بروما أو لم تشغله، ولم يكن من المهتمين بها، ولم ينشغل بفوز يوفنتوس أو هزيمة نابولي، كان منشغلا بتدريس أبناء قريته القرآن الكريم، ولم يتضمن منهجه الذي يدرسه مقرر كتاب صراع الحضارات ولا يعرف فوكوياما وهو يضع نهاية التاريخ عقب انتصار نظريته الرأسمالية المتوحشة على الاشتراكية اللينينية، ومع ذلك استهدفته الإمبريالية وهي تتقاسم الأسواق والمناجم، ولم يراعوا وداً ولم يسعوا لعلاقات أخوية ولم يحترموا جيرة، جيشوا الجنود ودفعوا بأسطولهم إلى شاطئنا ليصيّروه شاطئا رابعاً لهم في تحد سافر لمشاعرنا وفي تطاول على إرادتنا، ضاربين عرض الحائط بكل القيم والمبادئ والقوانين والأعراف، وأرادوا فرض قانونهم الذي اعتبر مقاومتنا المشروعة تمرداً على شرعيتهم المسنودة بالقوة الغاشمة، واعتبروا من يرفع السلاح في مواجهة آلتهم العسكرية متمرداً على شرعية روما، وبهذه التهمة نصبوا المشانق في جميع ربوع ليبيا التي لم تخضع لقانونهم ولم تنحن أمام جحافلهم وجيوشهم، وعمر المختار كان المتمرد على شرعية روما وفق منطق ولغة المستعمرين، لكن كان عمره أطول من عمر شانقه كما هي قوانين التاريخ.
ركزوا رفاتك في الرمــــــال لــواء
يستنهـض الوادي صباح مساء
يا ويحهم نصبوا مناراً من دم
توحي إلى جيل الغد البغضاء
رغم ملايين الضحايا والمشردين ضحايا الحقبة الاستعمارية في القرنين التاسع عشر والعشرين والملايين الذين قضوا في الحربين العالميتين الأولى والثانية فإن العالم الغربي لم يتخل عن سياساته الاستعمارية الإمبريالية ولم يؤسس لعلاقات تقوم على المودة والإخاء، والأحداث التي جرت عقب الحرب العالمية الثانية والتي لا تزال تحكم العلاقات الدولية تبين لنا أن العالم قادم على حروب أكثر شراسة وأعظم خسائر بل سيهدد الوجود البشري برمته جراء الأسلحة الفتاكة والمدمرة وخاصة أسلحة الدمار الشامل والتي إذا ما استخدمت لن تبقي ولن تذر، بلداننا ستكون مسارح لبعض تلك المعارك، وشعوبنا ستدفع ثمن تواطؤ حكامها مع تواجد القواعد العسكرية على أرضنا وما تحتويه من أسلحة فتاكة ومدمرة والتي ستكون مستهدفة في أي حرب قادمة، وسيجر استخدامها ضد الأطراف الأخرى الرد عليها، من هذه القوى المواجهات التي تجري هذه الأيام بين حلف الناتو والاتحاد الروسي على الأراضي الأوكرانية والتي وجدت نفسها ساحة للتدافع بين قوتين نوويتين ناتجا عن السياسة الإمبريالية التي تستهدف التوسع شرقاً لخنق الاتحاد الروسي والذي تعتبره روسيا تهديدا لوجودها وزعزعة لاستقرارها وتحديا لمشاعرها، بل تطاولا تجاوز كل الحدود، وقد تتطور هذه المواجهات إلى حد استخدام الأسلحة النووية والتي يتم هذه الأيام التلويح بذلك في تصريحات مسؤولي الطرفين المتحاربين وإذا ما حدث هذا، والذي لا يتمناه عاقل فوق الكرة الأرضية، ستكون آخر الحروب ونهاية للحياة فوق الأرض،
وإذا ما علمنا أن حكام الولايات المتحدة مدفوعون بجنون العظمة وزهايمر متقدم أصاب السياسة والساسة، وأن الساكن في البيت الأبيض يجعلنا مرعوبين من مصير مأساوي للكرة الأرضية حيث إن مخاطر وامتدادات الحرب النووية لن تشمل القوى وجغرافية المتحاربين فقط، بل ستشمل كل العالم لعدة أسباب وعلى رأسها حجم السلاح النووي الذي يملكه طرفا النزاع، والأخرى القوة التدميرية لهذا السلاح، والثالثة الانتشار الواسع الذي يشمل أغلب بلدان العالم للقواعد الأمريكية وحلفائها، إذا ما استخدمت الأسلحة النووية فانتظروا القيامة.
هل نحن فعلاً على شفا آخر الحروب؟
هل يتوقع استخدام الأسلحة النووية فعلاً في الحرب العالمية الثالثة التي يجري التجهيز لها؟
هل تجرؤ قوة ما مهما بلغ جنونها أن تكون سبباً في إنهاء الحياة على الأرض؟
هل بلغ بهم الجشع المدفوع بالقوى الرأسمالية المتوحشة لإشعال حرب نووية ستكون سبباً في نهاية العالم؟
هذه الأسئلة التي ختمت بها موضوعي هذا نأمل أن تكون عناوين لموضوعات تتناول هذه المخاوف وتضع سيناريوهات وتوقعات لما هو آت.