صبيهم والتوحش والفوضى الخلاقة
أمامنا صنفان؛ إما نفعيون أو عقائديون. النفعي تاجر يصطف مع من يدفع، أما الصنف الأخطر فهم العقائديون، لأنهم لا يتغيرون ولا يتراجعون.
لكي نجمع فسيفاء الصورة التي بدأت تتشكل، علينا الرجوع إلى بدايات تأسيس تنظيم القاعدة، التي ليست مصطلحًا إسلاميًا. لنبحث في تكوينهم الفكري، وفي أهداف مؤسسيهم ومشغليهم.
(بريجنسكي) قال «نحن صنعنا الجهاد في أفغانستان»، و(كلينتون) قالت «صنعناهم ومولّناهم»، ووصفت بالحاج بأنه صبينا (our boy)، إذن أول الحقائق أن المؤسس أمريكي، لتحقيق الأهداف الأمريكية، والباقون عملاء ومقاولون من الباطن مثل بريطانيا أو قطر أو أمير المقاتلة.
وثاني الحقائق أن جماعة الإخوان هي العباءة التي ظهرت من تحتها كل التنظيمات الإرهابية، فتنشئة كل قادة الإرهاب إخوانية، فبالحاج نفسه كان في معسكر عبدالله عزام الإخواني. أي أن ما يجري في بلادنا هو استنساخ لإخوان مصر، حيث يلعب الصلابي دور قطب، والغرياني بديع، والدبيبة مرسي، وبالحاج خيرت الشاطر.
ثالث الحقائق أن المقاتلة لن تتراجع عن فكرها، ولن تتوقف عن ممارسة الإرهاب. فدستورهم كتاب (إدارة التوحش)، يعد منهجا للإرهابيين في مرتبة كتاب الظلال، أو الفريضة الغائبة، أو فقه الدماء، لكنه يجمع بين التصورات الدينية والأفكار العملية، ويقدم في مجال العمل السياسي والإستراتيجية العسكرية تصورات عملية.
«التوحش» هو المرحلة الثانية بعد مرحلة «شوكة النكاية والإنهاك»، وقبل المرحلة الثالثة والأخيرة التي تقود إلى «التمكين»؛ أي إقامة الخلافة الإسلامية.
وهذه الأطروحة تتلاقى مع مفهوم الفوضى الخلّاقة، المتمثلة في عملية إسقاط الأنظمة، وإسقاط الجيوش، وإقامة الإمارات على خلفيات عرقية، وطائفية، وأيديولوجية. ويقصد بالتوحش تلك الحالة من الفوضى التي ستدب في أوصال الدولة إذا ما زالت عنها قبضة السلطات الحاكمة. فيعاني السكان من انتشار قانون الغاب وضنك العيش، فيتعطشون لمن يدير هذا التوحش، بل ويقبلون أن يدير هذا التوحش أي تنظيم أخياراً كانوا أم أشراراً.
التاريخ علمنا أن الزنادقة دائما يعضون اليد التي تمتد لهم، فأمريكا التي نظمتهم ومولتهم كافأوها عام 98 بتفجير سفاراتها في كينيا وتنزانيا وتحطيم أبراج عاصمتها الاقتصادية عام 2001 وكافأوا بريطانيا عام 2017 بسلسلة هجمات في لندن ومانشستر.
المخابرات الأمريكية شحنتهم إلينا عام 2004 في أكياس قمامة، فصدرت في حق 32 منهم أحكام نهائية بالإعدام، وبقوا في أبو سليم سبع سنوات إلى أن أفرجت عنهم جماعة الإخوان بعد أن تسللت بالغدر والمراجعات الفكرية الكاذبة.
ليلة تسليم طرابلس عام 2011 أحضرت المخابرات القطرية أميرهم في سيارة إسعاف إلى باب العزيزية ليقدم كقائد ليرأس المجلس العسكري بطرابلس، ثم يخلع قلنسوة الأفغان ويلبس رباط العنق ويصطحب معه المضيفات السافرات بلباس فوق الركب ليظهر أنه رجل عصري تحرري، لكن كل ذلك كان للتقية فعاد لممارسة الإرهاب مستخدما رفاقه في تورا بورا وأبو سليم من مورد الحقائب المفخخة، إلى مفتي الجماعة التكفيري، فشرعوا تقتيلا وتشريدا في الليبيين الأبرياء، إلى أن قامت ثورة الكرامة، وانتفضت في وجههم التنظيمات المسلحة في الغرب الليبي، وأصدر النائب العام في حقهم صحيفة اتهام عام 2017. فهربوا إلى حواضن الإرهاب في قطر وتركيا والمغرب، إلى أن تم تنصيب عضو قائمة حزب المقاتلة رئيسا للمجلس الرئاسي، وليظهر مرابٍ معتوه ليعلن أن مفتي الإرهاب شيخه وقدوته، ويغدق عليه الأموال ويفتح له مدارس لتفريخ جيل طالباني في ليبيا. وعندما شعر بضعفه استدعى الإرهابيين للعبث بليبيا بدعم أمريكا التي تقاتلهم بيد وتدعمهم بالأخرى، لتعيد استخدامهم ضد أعدائها روسيا والصين.
الزنادقة لا يتخلون عن عقيدتهم، ويطبقون قواعد إدارة التوحش التي تنص على أن الأحكام لا تسقط بالتقادم، ولا بد من دفع عدوهم الثمن.
فمع بداية فبراير انقلبوا على من أنقذهم من منصة الاعدام وأرج عنهم فكافأوه بقتل والده وأشقائه وتدمير بلاده، كما اغتالوا كبار الضباط الذين انضموا لهم مثل عبدالفتاح، وحدوث، وصلاح وغيرهم. كما اغتالوا السفير الأمريكي وسحلوه. وستلقى عائلة المرابي المعتوه نفس المصير لأن الزنادقة لا يتوانون عن إزاحة كل من يقف في وجه مشروعهم الظلامي التكفيري، أو يؤخر وصولهم لمرحلة التمكين.
gate io headquarters
منذ 7 أشهرI agree with your point of view, your article has given me a lot of help and benefited me a lot. Thanks. Hope you continue to write such excellent articles.
Be the first to comment