الى الأمام.. في تزييف التاريخ

يقول الروس إنهم حللوا الكتب التي تدرس في أوكرانيا ووجدوا تحريفا خطيرا للتاريخ عندما كانت أوكرانيا جزءًا من الاتحاد السوفييتي، وتناول التغيير بشكل خاص مسار الحرب الوطنية العظمى حيث قاوم الاتحاد السوفييتي الذي كان أهم قياداته أوكرانيين وليسوا روسا، خرتشوف، برجينيف، قاوموا الغزو الألماني لبلادهم وانتصروا عليه، وحرروا أوروبا من سطوة النازية، يقول الروس إن نتائج التحليل والتحقيقات أثبتت تورط الولايات المتحدة مباشرة في عملية التزوير من خلال خبراء أمريكان كانت مهمتهم تقليل دور الاتحاد السوفييتي، وزرع النزعة العدائية ضد روسيا في أوكرانيا، بما فيه تغيير التسمية من الحرب الوطنية إلى الحرب العالمية الثانية كما كان يسميها الحلفاء، وإبراز دور أمريكا في إسقاط النازية والتقليل من دور الاتحاد السوفييتي!

نبهني هذا الخبر لأهمية تناول موضوع تغيير المناهج في ليبيا وفي بقية دول ما سمي زورا الربيع العربي، والذي لا شك رعته الدوائر الأمريكية ونفذ بأيادي الإخوان الملطخة بكل ما هو قاذورات في المنطقة، في ليبيا بعد ساعات فقط من إسقاط الدولة نتيجة التدخل العسكري بقيادة أمريكا تم إلغاء المناهج التعليمية، واستبدلت بمناهج جديدة، لا شك أنها كانت مكتوبة منذ زمن، وهي من ضمن مكونات المؤامرة.

الهدف الأساس في تغيير المناهج هو تشويه مراحل التحرر الوطني من مرحلة الاستعمار، ومحاولة إعادة توجيه آراء الأجيال القادمة بقصد تقديم الاستعمار وكأنه مكسب وطني، وأن محاربته كانت مواقف خاطئة، في ليبيا تم شطب تدريس معارك الجهاد ضد الطليان تزامنا مع إلغاء إحيائها، وتشويه مرحلة الاستقلال الحقيقي من 69-2011، وتمجيد مرحلة الاستعمار التركي للمنطقة، لذلك أدخل في منهج رابعة ابتدائي التعرض لبطولات «أرطغرل» وغيره من مواضيع هدفها تمجيد مرحلة التخلف والطغيان الطوراني التركي في المنطقة.

المؤسف أن حجم المعاناة والصراعات في المنطقة عامة وليبيا خاصة غطت على خطورة التزييف لمناهج التعليم، وأجلت التعامل معها، لسان حال القوى الوطنية أن الوطن كل ضائع وليست المناهج وحدها، ويرون أن استعادة الدولة ستعيد كل شيء إلى طبيعته، وهذا قول مردود عليه، فالمناهج أخطر شيء يهدد الدول ومستقبلها، لأن تعليم الأطفال لعقود معلومات مزيفة وكاذبة ستحدث تأثيرات خطيرة على مستقبل المنطقة.

الدعوة ملحة إلى كل المعلمين والمعلمات والموجهين وإدارات التعليم في المناطق بضرورة التوقف الذاتي عن تدريس المنهج المزور، خاصة في مناهج التاريخ والدين، وتقديم معلومات حقيقية للتلاميذ الذين هم الجيل القادم الذي سيقيم دعائم الدولة، خاصة بعد أن اتضح بما لا يدعو مجالا للتشكيك أن تغيير المناهج في الدول هو سياسة رسمية للغرب تشرف عليها الدوائر الاستخباراتية الأمريكية التي تخدم المشروع الصهيوني في المنطقة والعالم.